شَكَوتُ إِلى وَكِيعٍ سوءَ حِفظي | فَأرشَدني إِلى تَركِ المَعاصي |
وأخبرني بِأنَّ العلمَ نورٌ | ونورُ اللّهِ لا يُهدى لِعاصي |
يا بؤس للقلب بعد اليوم ما آبه
يَا بُؤسَ لِلقَلْبِ بَعْد اليَوْمِ ما آبَهْ |
ذِكرَى حَبيبٍ ببعضِ الأرْضِ قد رَابهْ |
قالّتْ سُلَيْمى أرَاكَ اليومَ مُكْتَئِباً |
والرَّأْسُ بَعدي رَأيتُ الشّيْبَ قد عابه |
وحَارَ بَعْدَ سَوَادِ الرَّأْسِ جُمَّتَهُ |
كمِعْقَبِ الرَّيطِ إذْ نَشَّرْتَ هُدَّابهْ |
ومَرْقَبٍ تَسْكُنُ العِقْبانُ قُلَّتَهُ |
أشْرَفْتُهُ مُسْفِراً والنَّفْسُ مُهْتَابَهْ |
عَمْداً لأرْقُبَ مَا لِلجَوِّ مِنْ نَعَمٍ |
فَناظِرٌ رائِحاً مِنْهُ وعُزَّابَهْ |
وقدْ نَزَلْتُ إلى رَكْبٍ مُعَقَّلَةٍ |
شُعْثِ الرُّووسِ كأنَّ فَوْقَهُمْ غابَهْ |
لَمَّا رَكِبْنا رَفَعناهُنَّ زَفْزَفَةً |
حَتى احْتَوَيْنَا سَوَاماً ثمَّ أرْبَابَهْ |
نبراس المديح
هذه قصيدة مدح في طيب ذكراه |
تعلو معاني الفخر ان جئت نلقاه |
فيك الكرم ملاذ للرجاء اذا |
ضاق الفؤاد فتحنا باب يمناه |
شهم شجاع وفيك الحلم رحابه |
بالحكمة يشرق الوجه ومحياه |
تمشي بتواضع والاخلاق زاهية |
يسمو بك الناس كل يعلي تقواه |
نسب كريم وسيرة مجد صافية |
تاريخها العطر ما زال نحيياه |
قائد رزين اذا نادى به وطن |
لبى النداء بعزم لا يساواه |
يعطي فيزهر زرع الخير في كفنا |
ويقوم امر اذا ضعفت قواه |
قول سديد وفي الازمات رؤيته |
نور دليل اذا عم الظلام عراه |
تهفو القلوب الى لقياه مبتسما |
فالود في فعله والرفق مغناه |
يا جامع الحمد يا عنوان مكرمة |
بالعز ترفع رايات وننشد دعواه |
هذا مديح وفيه الصدق ظاهرة |
والحب يكتب ما تخفيه نجواه |
نمضي على اثره دربا ونحفظه |
وعدا وفيا اذا نادى بمرعاه |
تبقى مثالا وفي الايام سيرته نرعاها |
قصيدة لحميدان التركي
يا رب، لك الحمد حين انبلج صبح اليقين |
وانجلى ليل دامس طال في صمت السنين |
عاد حميدان في ركب التقى والموقنين |
يمشي واثقا، وخطوه قبس للمهتدين |
نيف وعشرون عاما في أسر الجور والظالمين |
والصبر والدعوة نهج القلب، زاد المتقين |
ما فترته قيود البغي، لا سد ولا باب متين |
والقلب يرفع نجواه مع الركع الساجدين |
حتى أتاه الفرج الموعود، وعد الصابرين |
فانساب نور الله يجلو درب تلك السنين |
وتكسرت تلك الأغلال عن كفين طاهرتين |
واهتز بيت صبر دهرا مثل بيت القانتين |
تلك القرينة، درة العهد الوفي، تاج الصالحين |
شدت عرى الأسرة تحت لواء الثابتين |
ربت بنيها بحكمتها البيضاء قوما راشدين |
تمضي وتدعو، لا تمل، رجاء الموقنين |
حتى أتاها من لطيف فضله أجر المحسنين |
فذابت الأوجاع حين ضمها صدر الأمين |
وتهللت وجناتها كالعيد يوم العائدين |
وأزهرت الأنفس تبسما كروض الفاتحين |
وهتف الشعب في أرض السعود به مستبشرين |
وملأوا الأفق تلاوة وثناء الشاكرين |
قالوا: مع العسر يسران، وعد رب العالمين |
هذه البشائر لا تبرح في قلوب الصادقين |
والحمد يصدح ثم يهمس في صدور المؤمنين |
امضوا بثقة، رب العرش ناصر المظلومين |
قصيدة عن الوطن
يا موطني يا منبع الايمان والالهام |
فيك الحرمين ضوء رحمة يشيع وئام |
مكة والبيت الحرام مقام قدس لا يرام |
والمدينة طيبة تهدي القلوب الى سلام |
في رايتك الخضراء مجد شامخ ونظام |
والعدل في ساحاتك الغراء حكم لا يضام |
يا قبلة الدنيا ومرفا كل قلب هيام |
نجد تعانق في الصباح هبوب الصبا وانسجام |
والحجاز يروي من تاريخه درب الكرام |
وعلى سواحلها المراكب همسها انغام |
والشرق يزهو بالنخيل وبالصحارى والغمام |
والربع في حضنك الرحب رؤى تصير الى احلام |
وخادم الحرمين يرعى نهجك السمح التزام |
والشعب حول الراية الخضراء نهضة واحترام |
نمضي ونبني للحياة حضارة تبقى على الايام |
ونصون امنك والثرى ونذود عنك على الدوام |
وترى القلوب لدى ندائك تزدهي عشق وغرام |
في كل درب من ربوعك يرتقي فتى همام |
مجد المؤسس في خطاك يقودنا نحو الامام |
يا موطني وعدك في دمي فجر عز وسلام |
كنت اظنك شي ثاني
كنت اظنك شي ثاني كنت احسبك الامان | لين صدك صار عاده و انتهى فينا الزمان |
مادريت انك تجافي وانك اقسى من البعاد | مابقى فيني شعور مابقى فيني حكي |
كل يوم اقول يمكن بكرة ترجع لي طيوب | بس ظنون القلب خابت و ابتدى فيني العتاب |
ماطلبت الا وجودك مابغيت الا البقاء | بس عطاك الوقت فرصه وجفاك اختار المدى |
وش تبين اشتكي لك من جروح ماتطيب | ولا من حزني لجفاك ولا صبري على صدك |
مابقى فيني شعور مابقى فيني حكي | |
قلت الله معك من قهر ماهو رضا | بس كرامة قلبي أغلى من حنين ما بقى |
بقومي جمعا لا أحاشي ولا أكني
بِقَومي جَمِعاً لا أُحاشي وَلا أَكني | أَبو جَعفَرٍ بَحرُ العُلا وَحَيا المُزنِ |
فَتى العَرَبِ المَدعُوُّ في السِلمِ لِلنَدى | وَفارِسُها المَدعُوُّ في الحَربِ لِلطَعنِ |
سَحابٌ إِذا أَعطى حَريقٌ إِذا سَطا | لَهُ عِزَّةُ الهِندِيِّ في هِزَّةِ الغُصنِ |
لَجَأنا إِلى مَعروفِهِ فَكَأَنَّنا | لِمَنعَتِنا فيهِ لَجَأنا إِلى حِصنِ |
أَطاعَ العُلا في كُلِّ حُكمٍ أَتَت بِهِ | فَأَقصى الَّذي تُقصي وَأَدنى الَّذي تُدني |
لِشَهرِ رَبيعٍ نِعمَةٌ ما يَفي بِها | ثَناءٌ وَلَو قُمنا بِأَضعافِها نُثني |
أَمِنّا صُروفَ الدَهرِ مِن بَعدِ خَوفِها | لَدَيهِ وَبَعدَ الخَوفِ يُؤنَسُ بِالأَمنِ |
تَرَدَّدَتِ الأَيّامَ فيهِ وَأَقبَلَت | قِباحُ اللَيالي وَهيَ بادِيَةُ الحُسنِ |
غَداةَ غَدا مِن سِجنِهِ البَحرُ مُطلَقاً | وَما خِلتُ أَنَّ البَحرَ يُحظَرُ في سِجنِ |
وَلَيسَت لَهُ إِلّا السَماحَ جِنايَةٌ | إِذا أُخِذَ الجاني بِبَعضِ الَّذي يَجني |
تَقَلقَلُ مِنهُ في الحَديدِ عَزيمَةٌ | يَكِلُّ الحَديدُ عَن جَوانِبِها الخُشنِ |
حُزونَةُ أَيّامٍ مَرَرنَ بِهَضبَةٍ | فَأَقلَعنَ مِثلَ المارِنِ اللَيِّنِ اللَدنِ |
فَما فَلَّ رَيبُ الدَهرِ مِن ذَلِكَ الشَبا | وَلا زَعزَعَ المَكروهُ مِن ذَلِكَ الرُكنِ |
وَلَمّا بَدا صُبحُ اليَقينِ وَكُشِّفَت | بِهِ ظُلمَةُ الطَخياءِ عَن شُبهَةِ الظَنِّ |
تَجَلّى لَنا مِن سِجنِهِ وَهوَ خارِجٌ | خُروجَ شُعاعِ الشَمسِ مِن جانِبِ الدَجنِ |
يَفيضُ كَما فاضَ الغَمامُ تَتابَعَت | شَآبيبُهُ بِالهَطلِ مِنهُ وَبِالهَتنِ |
مُحَمَّدُ عِش لِلمَكرُماتِ الَّتي اِصطَفَت | يَداكَ وَلِلمَجدِ الرَفيعِ الَّذي تَبني |
فَكَم مِن يَدٍ بَيضاءَ مِنكَ بِلا يَدٍ | وَمِن مِنَّةٍ زَهراءَ مِنكَ بِلا مَنِّ |
عودي
عودي يا فوز فقد عاد الربيع |
و سبت قلبي تباريح الشجن |
ما لفوز كلما بادرتها اعرضت |
عني و قالت انما الموعد غداً |
إنني يا فوز شوقي يضطرم |
و الفتى حتماً بوعد يُرتهنْ |
راغماً عشت بعيدا عنكمُ |
ناءٍ هناك خلف اسوار الوطن |
كلما شكوت صحبي في النوى |
اعرض الصاحب عني و حزنْ |
آسف على طيش الصبا و |
اعذريني قاتل الله المحنْ |
انني كنت شريداً واهماً |
ليس لي على الارض وطنْ |
و هجرت الدار و الاهل معا |
حينما اشتدت افانين المحن |
ثم هاجرت الى اقصى البلاد |
لا يُفهم ما قالوا اذا المرء رَطنْ |
ثم عدتُ بعد حين نادماً |
ابتغي اللقيا و إن طال الزمن |
اذ تقول اين عهد الصبا منك |
بعدما شخنا و ادركنا الوهن |
.. |
اين ذاك العهد منا و الوعود |
فاتنا الأهل و خلانا الضعن |
و سحاب فيه رعد و بروق |
عافه الغيث و لم ينجب مِزَنْ |
و اشتكينا عسر ايام الحصار |
فيه ضيق الحال أو نقص المؤن |
و اغتراب دون خير يرتجى |
ساهرٌ لازمَ احداقي الوسن |
هكذا الدهر خراب الحادثات |
جاهل من اغتر بوعده او أَمن |
لا صديق صادق يوفي بعهد |
ما على الدرب رفيق يؤتمنْ |
انني في الكون بتت سائحاً |
ليس على البسيطة من سكن |
و ارتضيت الدور إذ مثلتهُ |
كيفما تأمر الأقدار قلبي أطمأن |
لسما بغداد يدفعني الحنين |
في ربوع الكرخ قلبي مؤتمن |
.. |
عودي لأخبرك عن التغريب |
و احاديث من أرض اليمن |
من أرض بلقيس التي جبتها |
من صعدة الى بحر عدن |
كي نسامر في صفاء خِلةً |
بعدوا و نابتهمُ أيام المحن |
عمرنا الذي راح أدراج الرباح |
لم يعد لنا شيء نسميه وطن |